أهلاً و سهلاً بك أوركيدتي العزيزة في مبوبة تفاصيل
تحدثنا في المقالة السابقة عن التصميم الداخلي المستدام و ارتباط الإنسان الفطري بالطبيعة. و كيف تمت ترجمته الآن بمفهوم و توجه جديد في عالم التصميم الداخلي يعرف “بمفهوم البيوفيليا“.
فأنصحك في البداية بقراءة تلك المقالة ثم العودة و تكملة قراءتك لهذه المقالة
لقراءة المقالة : البيوفيليا .. الصلة الأبدية بين الإنسان و الطبيعة
لذا، وبعد أن علمت بأهمية التصميم الداخلي المستدام، و أثره على صحتنا النفسية، و الجسدية، دعينا الآن نتطرق بشكل أكبر و أعمق في هذا المفهوم، و ذلك عن طريق فهم أساسيات هذا التوجه.
يتكون التصميم الداخلي المستدام من 6 أساسيات رئيسية، و هي التي يرتكز عليها تنفيذ المشاريع السكنية و التجارية على حد سواء. فهذه الأسس تطبق و منها يتم تطوير و تحسين التصميم على حسب الحاجة.
1) الميزات البيئية
يعد الاتصال المباشر بالنباتات، داخل وحول المساحات المبنية، أحد أكثر الاستراتيجيات نجاحًا لتعزيز الارتباط بين الإنسان و الطبيعة في التصميم. يمكن أن يقلل وجود النباتات من الإجهاد، و يحسن الشعور بالراحة، ويعزز الحالة المزاجية بشكل عام، ويسرع في عملية التشافي. لذلك يعد تضمين مسارات للمشي، و الحدائق الخارجية، و المساحات الخضراء، في أي مشروع خطوة مهمة جداً في تطبيق مفهوم التصميم المستدام؛ فهي تقدم لنا مساحات مليئة بالطبيعة، تساعدنا ولو للحظات في الاتصال و التفكير، و الشعور بالاسترخاء و الراحة.
و هذا ينطبق أيضاً مع تواجد النباتات الداخلية داخل المساحة، فهي تعتبر منقية للهواء، و رفيقة جيدة للإنسان. بالإضافة إلى تحريك الطاقة الراكدة، من وجهة نظر علم الفونج شوي.
يمكنك معرفة المزيد عن فوائد إضافة النباتات إلى مساحتك الخاصة عبر قراءتك لهذه المقالة: كيف يمكنك إضافة عنصر الخشب إلى بيتك حسب علم طاقة المكان؟
2) استخدام الأشكال الطبيعية
يتم استخدام الأشكال في مختلف جوانب تصميم المساحات، ابتداءً من استخدام الفراغ، كالانفتاح الشاسع للسقف (و المتمثل في الطبيعة كاتصالنا بالسماء)، إلى التفاصيل الصغيرة في نقوش الخداديات (و المتمثلة في الطبيعة كالتعرقات الدقيقة لورق الأشجار). هذا النطاق من التباين يغذي حاجتنا للأشكال المتنوعة الموجودة في الطبيعة.
و هنا نستطيع أن نقول، أنه يمكننا اسخدام أشكال طبيعية عدة و متنوعة من الأشكال الكبيرة أو الصغيرة، الواسعة أو الضيقة، الأشكال الهندسية أو الأشكال الحرة. يمكننا استخدام الأشكال و الزخارف و الأنماط في اللوحات الجدارية، قطع الأثاث، الأكسسوارات، المنحوتات، أو حتى تصميم المساحة بحد ذاتها. فهذه الأشكال تعطينا الإحساس بالحيوية و التنوع و البهجة و الراحة أيضاً.
3) الاستجابات الحسية
يقول الدكتور ستيفن كيلرت، أستاذ فخري في علم البيئة الاجتماعية، و كبير الباحثين، في كلية الغابات و الدراسات البيئية، بجامعة ييل، بالولايات المتحدة الأمريكية
“إن التطور البشري، والبقاء على قيد الحياة، يتطلبان دائمًا إدارة بيئات طبيعية شديدة الحسية، ومتغيرة. لاسيما الاستجابة للبصر والصوت، والشم، واللمس، والأنظمة الحسية الأخرى. من الضروري إيجاد فرص للتواصل مع ثراء نظامنا الحسي ، داخل و حول المساحات المبنية”.
ستيفن كيلرت
لذلك، كلما استطعنا دمج حواسنا في المساحات، كلما كنا أقرب للطبيعة. و بذلك نحصل على تصميم يتوافق مع التصميم الداخلي المستدام.
هناك عدة أمثلة على ذلك:
كصوت خرير المياه من نافورة صغيرة في زاوية ما من مساحتك. رائحة الورود، أو الشموع العطرية الفواحة على طاولة مكتبك. منظر أصيص الأزهار على شباك مساحتك الخاصة، أو ملمس القطن، أو الصوف على مخدة سريرك. كل هذه العوامل تشعرك بقربك من الطبيعة بصورة انسيابية سلسة.
4) الضوء و الفضاء
للضوء و الظل تأثير إيجابي على عقل الإنسان. و يمكن أن يؤدي تغيير جودة الضوء إلى تغيير حالة الإنسان المزاجية. مما يعزز الراحة البصرية طوال اليوم.
على سبيل المثال:
توفر المساحات الساطعة بالضوء، الفرصة للتركيز ، و إعادة النشاط، و الحيوية، بينما تساعدنا المساحات ذات الإضاءة الخفيفة على الاسترخاء، و الشعور بالراحة، و السكينة.
تتحكم فتحات السقف، و المناور في شدة الضوء الداخل للمساحة، مما يخلق بيئة دافئة و مضيئة طبيعياً، دون الحاجة للإضاءة الاصطناعية (على الأقل في الفترة النهارية).
يجلب أيضاً هذا الضوء الدفء إلى المساحة ويمكنه أن يساعد في تنظيم درجات الحرارة في المساحات الداخلية. و هذا يذكرنا بالضبط ما تقوم به الأشجار الوفيرة من تظليل المساحات تحتها دون حجب كامل للضوء.
5) العلاقة القائمة على المكان
يتضمن هذا المبدأ في التصميم الداخلي المستدام، مراعاة العلاقة الثقافية، و الروحية، و البيئية، و التاريخية للإنسان مع المكان الذي يتواجد فيه أغلب سنين عمره.
ويتجلى ذلك بوضوح في علاقة الإنسان مع الصحراء، إذا كان يعيش في بلد صحراوي. أو مع الغابات إن كان ينتمي إلى القبائل التي تستوطن الغابات. أو البحر كأولئك الذين يعيشون قرب سواحله. فكل بيئة لها تأثيرها الخاص على الإنسان و على طريقة تفكيره و جودة معيشته. وقد أكدت دراسات كثيرة العلاقة الأزلية بين الإنسان ومحيطه الخاص على مر العصور . وغالبًا ما أشار العلماء والباحثون والمرشدون الروحيون إلى المحيط الخاص باعتباره عنصرًا مهمًا في حياة الإنسان و نموه الإنساني.
لذلك سنلاحظ على سبيل المثال:
استخدام الألوان الترابية، أشكال سعف النخيل، و النقوش الصحراوية، و طبعات الجمال، و الصقور في العديد من المساحات الداخلية في البلدان الصحراوية. و الحال بذلك لا يختلف في أي بيئة أخرى,
6) العلاقة بين الانسان و الطبيعة
يتركز أوج العلاقة بين الإنسان والطبيعة من خلال؛ استخدامه للمواد الصديقة للبيئة، و منع المخاطر البيئية المحدقة في إدارة الموارد الطبيعية، و استخدام الأراضي للعمارة.
لذلك يتم تنفيذ جميع مشاريع الهندسة المعمارية و التصميم الداخلي المستدام مع مراعاة دائمة لتأثيرهما المباشر على البيئة. مع وضع العلاقة بين الإنسان والطبيعة على رأس أولوياتها دون تجاهل الطبيعة أو إخلال بنظامها البيئي الطبيعي.
و أفضل الأمثلة على هذا المبدأ هو:
التقليل من البصمة الكربونية الناتجة عن انبعاث الكربون من المباني الخرسانية و استبدالها بمواد صديقة للبيئة.
و ترشيد استهلاك الموارد كالماء و الكهرباء.
في الختام
تعرفنا، من خلال هذه المقالة، على أسس التصميم الداخلي المستدام، و مدى تأثير تطبيق هذه الأسس على صحتنا النفسية، و الجسدية،
و كيف يمكننا من خلال الطبيعة تحسين جودة حياتنا.
ففي الأونة الأخيرة، بدأ الإنسان بالاهتمام بتأثير وجوده على الطبيعة، و كيف أنه بسبب الإهمال، وقلة الوعي، قد تسبب في مشاكل و تحديات بيئية خطيرة مثل: التغير المناخي، و الاحتباس الحراري.
ومن خلال تطبيقنا لهذه الأسس البسيطة، يمكننا العيش في مساحات صديقة للبيئة، تضمن سلامتنا، و سلامة بيئتنا لأجيال قادمة بإذن الله.
يمكنك التعرف أكثر على هذا التوجه من خلال متابعتي على حسابي في الانستقرام
حيث أشاركك فيه: نماذج، و أمثلة واقعية، على تطبيق هذه الأسس. و كيف يمكّننا التصميم الداخلي المستدام من العيش برفاهية أكبر.
ألقاك على خير في مقالتي المقبلة بإذن الله.
دمت بحب و سلام و استدامة
مؤسسة و صانعة محتوى موقع أوركيدفل لايف ستايل
متخصصة في التصميم الداخلي بمفهوم البيوفيليا و الفونج شوي
مهتمة بتنظيم المساحة و تحسين جودة الحياة