عقلية النمو تفتح لك آفاق جديدة في الحياة

تعتبر عقلية النمو Growth Mindset من أهم عوامل النجاح – إذا لم يكن أهمها – في الحياة؛ فهي السبب الذي يجعل الإنسان يطمح لأن يتطور و يحسّن من نفسه، حياته، مجتمعه، و العالم.

لذلك في هذه المقالة سأحدثك يا أوركيدتي عن عقلية النمو حتى نركب أمواج الحياة باستمتاع و فضول لنوسّع مداركنا فيها.. فأهلاً بك

ما هي عقلية النمو؟

بدايةً .. علينا أن نعرف يا أوركيدتي ما هي عقلية النمو حتى نعرف وجهتنا و هدفنا – ألا و هو اكتساب عقلية النمو -.التعريف القصير لهذه العقلية هو الطريقة التي نتعامل بها مع تحديات الحياة، أما التعريف المفصل و الذي يشرح ما هي عقلية النمو فهو الاعتقاد بأن قدراتنا، مهاراتنا و حتى ذكاؤنا بإمكاننا أن نطوره من خلال التجربة، التدريب، و الجهد الموجه و المبذول لتطوير ما سبق ذكره. 

قد يتبادر في ذهنك ما علاقة التعريف الأول بالثاني، لذلك دعيني أجيبك عن هذا التساؤل. التحديات التي نواجهها في الحياة ما هي إلا الوجه الآخر و المشاكس للحياة، الوجه الذي يدفعنا لتعلم أشياء جديدة لنتغلب على هذه التحديات، و مع تعلم الأشياء الجديدة أنت تطوّرين تلقائياً قدراتك، مهاراتك و ذكاؤك أيضاً. هذا ما يجعل ذوو عقلية النمو ينظرون للتحديات كفرصة للتعلم و ليس عقبة تمنعهم من الوصول إلى أهدافهم!

إذن .. من هم أولئك الذين ينظرون لهذه التحديات كعقبة في طريقهم؟

و الإجابة هي: أصحاب العقلية الثابتة؛ فأصحاب العقلية الثابتة مقتنعين بأن القدرات، المهارات و مستوى الذكاء كذلك ثابتين، و إنه إما أن تكون لديك تلك المهارة أو القدرة و إما أن تكوني غير  ممتلكة لها، أن تكوني جيدة في شيء معين أو أن تكوني غير قادرة من تطوير هذا الشيء لديك!!

التحديات التي نواجهها في الحياة ما هي إلا الوجه الآخر و المشاكس للحياة

هدى العوبثاني

مخاطر العقلية الثابتة Fixed Mindset

مما سبق يا أوركيدتي العزيزة .. لك أن تتخيلي كيف هي حياة أصحاب العقلية الثابتة. فهم يعتقدون أنهم غير قادرين على تحقيق أهدافهم لأنهم (يظنون) أنه بما أنهم لا (يمتلكون) المهارات التي تتطلبها هذه الأهداف، فهم غير قادرين على تحقيقها. و هذا ما يجعلهم ينظرون لتحديات الحياة نظرة كارثية و أن أحداثها تحدث (عليهم) و ليس (من أجلهم).

من المؤسف أيضاً أن أصحاب هذه العقلية يعتبرون الآخرين تهديداً عليهم -كنجاح الآخرين و اكتسابهم خبرات أكثر أو أعلى – و لا يتقبلون النقد البناء كوسيلة للتحسين بل يعتبرونه انتقاداً لشخصهم، يستسلمون سريعاً عند مواجهة أي مشكلة أو تحدٍ .. بل و يتجنبونها كذلك خوفاً من الفشل!!

أهمية اكتساب عقلية النمو 

مما سبق .. قد يكون البعض قلقاً أن يكون من ذوي العقلية الثابتة، لكن لا داعي للقلق؛ فعقلية النمو من الممكن جداً اكتسابها من خلال المعرفة ، الجهد، الممارسة، التغذية الراجعة من النقد البناء، و المثابرة في الممارسة ليستمر التحسين بشكل متواصل.

تكمن أهمية اكتساب عقلية النمو في أنه يجعلنا:

• ننظر للأمور نظرة تفاؤلية 
• نكون أكثر مرونة في الحياة 
• نؤمن أن وراء كل تحدٍ فرصة لتعلم شيء جديد
• نتحسن و نتطور في مجالات الحياة المختلفة 
• نختار بملء إرادتنا تعلم أشياء جديدة قبل خوض أي تحدٍ فنكون مبادرين في التعلم

كيف نكتسب عقلية النمو؟

بعد أن عرفنا ما سنكسبه من اكتساب عقلية النمو، بإمكاننا أن نتخيل كيف هي الحياة مع هذه العقلية .. حياة ثرية بالتجارب، الخبرات .. كل شيء نريده نتعلمه و بالتالي بإمكاننا أن نحققه .. حياة تشعرنا أن الحياة بالفعل جميلة و مثيرة للاهتمام فنرغب بشدة لعيشها بكل لحظاتها!

إذا أردت اكتساب عقلية النمو، فإليك بعض النصائح:

1) مثبت علمياً: بإمكان العقل أن ينمو و يتطور

إذا كنتِ من الأشخاص الذين يقتنعون بسرعة عندما يتعلق الأمر بالعلم، فهذه النصيحة ستفيدكِ كثيراً؛ و هذا لأن العلماء أثبتوا بأن العقل مصمم أساساً لينمو و يتطور و يتعلم كذلك.فمن خلال خوض تجارب جديدة في الحياة، فأنتِ بذلك تقوّين و تنشئين روابط عصبية جديدة في الدماغ و لذلك تصبحين أكثر ذكاءً.

2) النقد البناء و التغذية الراجعة

في أي عمل أو مهمة تقومين بها، تشجعي و استقبلِ أي نقد بناء يُقدم لك أو تغذية راجعة للتحسين فيما تقومين به؛ فهذا سيساعدك كثيراً لتتحفزي و تستمري في التطور و التحسن، و بذلك تعززين عقلية النمو لديكِ.

3) المحاولة أهم من النتيجة

عند مواجهة أي تحدٍ أو موقف لم يسبق أن خضتيه من قبل، كافئِ نفسك على عملية محاولتك لحلها و لا تنتظرِ  أن تنجحي فيها كي تكافئي نفسك، فالعبرة أنك حاولتِ و لم تستسلمي أو تنسحبي من الموقف

4) تخلصِ من الحديث السلبي الداخلي

عادة عند خوض أي تجربة جديدة، يبدأ الحديث السلبي الداخلي بالظهور، و الذي يكون بالعادة عكس عقلية النمو. فمثلاً، قد تواجهين مهمة تستدعي منك تعلم و اكتساب مهارة جديدة، فتبدأ الأصوات التي تشكك من جدوى ذلك أو إن كنت تستطيعين النجاح في ذلك الأمر.

في مثل هذه المواقف، بدّلِ الكلمات السلبية إلى أخرى إيجابية – من قد لا أستطيع إلى أستطيع و سأبذل قصارى جهدي – فذلك سيعزز و ينمي عقلية النمو لديك.

5) الخروج من منطقة الراحة

و هذا يعني أن تتشجعي و تخوضي أي تحد و عمل الأشياء التي لم تعتادي عليها. بإمكانك التدرج في الخروج من منطقة راحتك من خلال الذهاب في طريق جديد إلى عملك مثلاً.

6) تقبل الفشل

الفشل يا أوركيدتي هو جزء من عملية التعلم فلا تشعري بالإحباط بسبب ذلك، و انظرِ للأمر أنه فرصة للتصحيح و التحسين و اكتساب الخبرة، و ذلك أيضاً يساعدك في تعزيز اكتساب عقلية النمو

التقبل أساساً يسهّل علينا كثيراً التعامل مع مجريات الحياة و يقلل توترنا. إذا أردتِ أن تعرفي المزيد عن التقبل، فأنصحك بقراءة هذه المقالة: التقبل .. سر العيش بتناغم مع الحياة

في الختام

هذه الحياة يا أوركيدتي العزيزة مليئة و متنوعة بالتجارب، المغامرات و التحديات؛ و هذا ما يجعلها تستحق أن تعيشيها لحدودها القصوى لأنك بذلك تثرين تجربتك الحياتية .. و ذلك ما يجعل اكتسابك لعقلية النمو أمراً مهماً بل و ضرورياً لتحظي بحياة ملونة بالخبرات المختلفة التي تكتسبينها من تعلمك لشيء جديد أو من خوضك لتحدٍ رَفَع سقف قدراتك

أنوي لك يا عزيزتي حياة جميلة مفعمة بالحيوية و الحياة!

ألقاك في مقالة جديدة .. و حتى ذلك الحين أتركك في حفظ الحفيظ

إذا أحسست بأنك بحاجة للمزيد من الإرشاد و المساعدة لتحسني و تتطوري في أحد جوانب حياتك أو حياتك ككل، فيسعدني أن أساعدك لفعل ذلك .. احجزِ جلستك الآن