أهلاً و سهلاً بك عزيزتي في مبوبة استلهمي
يفكر الكثير من الأشخاص في العيش في بلد جديد مختلف عن بلدانهم الأصلية.
و هذا قد يعود لأسباب كثيرة منها السياسية، أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو لمجرد البدء في حياة لم يعهدوها من قبل كنوع من حس المغامرة و التغيير.
لا أحب التطرق إلى مثل هذه المواضيع، فهي متوفرة و بشكل مفرط في وسائل الإعلام المختلفة.
و لكن هنا، سأحكي لك قصتي في العيش في بلد جديد كلياً عما عشت فيه سابقاً.
بداية الحكاية:
وطأت قدماي الأراضي التركية عدة مرات قبل أن استقر فيها في بداية عام 2017 بعد تقاعد والدي من العمل.
لقد خططنا لهذه الخطوة قبل أن نقدم عليها بستة أشهر تقريباً إن لم يكن أكثر.
بيت نسكن فيه، مجهز بكامل التجهيزات، تفعيل حساب الماء و الكهرباء، و حتى السائق الذي سيوصلنا إلى البيت الجديد.
الحمدلله لقد ساعدنا كثيراً صديق والدي في ترتيب كل الأشياء اللازمة لذلك.
وصلنا مطار أتاتورك الدولي في المساء، لكن هذه المرة كنت أنظر لاسطنبول بعيون و مشاعر مختلفة عن سابقاتها.
فهذه المرة سأبقى مدة أطول من المرات الماضية.
ركبنا السيارة و حمّل لنا السائق كل أمتعتنا.
الحمدلله لقد سار كل شي على ما يرام. حتى وصلنا إلى البيت، أخذنا جولة سريعة في أرجائه.
و من ثم ذهب والدي مع صديقه لشراء لوازم البيت.
تعرف على أماكن مميزة جداً لم يسبق لك أن سمعتي عنها في اسطنبول
في مقالة : 5 أماكن غير اعتيادية تستحق الزيارة في اسطنبول
مشاعري في هذه الأثناء:
كان شعوراً غريباً، ما بين طمأنينة و ترقب. لا أعرف كيف كنت أشعر بهذه المشاعر المتناقضة.
إلى يومنا هذا و أنا لا أستطيع تفسيرها. فتجربة العيش في بلد جديد لم تخطر في بالي قط.
و لكنني متأكدة بأنها الرحمة الإلهية هي التي أنزلت السكينة على قلبي و عقلي و لم أقاوم هذه المشاعر.
نِعم قد نكون غافلين عنها:
صحيح، يمكن أن تسألي نفسك؟ ألم تكن خائفة؟ حائرة؟ أو قد تكون ضائعة؟
في البداية أحب أن أوضح لك عزيزتي بأنني و بكامل وعيي و رغبتي اتخذت هذا القرار. و لم يجبرني أحد على فعله.
و أنا ممتنة كثيراُ لكل الأشياء التي تحدث لي.
اقرئي عن الكتاب الذي جعل من الامتنان عادة لا تفارقني
في مقالة: الإمتنان أسلوب حياة لـ لويز هاي
و كيف غير الامتنان من حياتي بشكل كامل
لقد كنت أعيش حياةً خالية من العزيمة و الإرادة. و هذا ليس بسبب المكان و لكن بسبب الراحة و الاتكالية التي كنت أعيش فيها.
تخيلي معي صديقتي شعورك و أنتِ بين أهلك و صديقاتك و جميع أولئك الذين تكنين لهم الاحترام و التقدير.
شعور رائع أليس كذلك؟
كنت لا أحس بنعمة وجودهم حولي، في الحقيقة كنت أعتقد بأنهم من المسّلمات التي لا يمكنني التخلي عنها أو حتى أن تتخلى عني في يوم ما.
شعوري بهذه “المسّلمات” جعل أيامي متشابهة لا جديد فيها. لا أطور نفسي، و لا ألقي بالاً على من حولي.
لا أستطيع أن أقول عن نفسي بأنني كنت أنانية وقتها. بل أستطيع القول بأنني لم أكن واعية.
كيف أصف تجربتي هذه؟
وجودي هنا في هذا المكان من العالم، و العيش في بلد جديد يختلف في أوجه كثيرة مع “بلدي” الإمارات.
نعم أقول عنها بأنها بلدي بالرغم من أنني “يمنية”.
فهي مسقط رأسي، و عشت حياتي كلها على أرضها الطيبة.
ملحوظة: هذا لا يقلل من قيمة بلدي الأصلي “اليمن”، و الذي أحبه، و أنتمي إليه بالرغم من ذهابي إليه لمرتين فقط.
فكل أولئك الذين ولدوا في بلدان غير بلدانهم سيحسون بالمشاعر التي أكنها للإمارات. و هذا شيء فطري.
أنا هنا لا أبرر هذا الحب، لأنني مؤمنة بأن الحب لا يبرر.
و لكن أشرحه لك عزيزتي، فقد يكون قد منّ الله عليك بعيش حياة كاملة في بلدك الأصلي. و هذا شي رائع أيضاً.
أستطيع أن أقول لك صديقتي بأنني هنا لأجد نفسي، في هذه التجربة، التي قد تسميها بعضكن بأنها “غربة”، أقولها لك و بكل صدق، أنا هنا في المكان الصحيح في هذه الفترة.
إذا سألتني عن أسبابي فسأقول لك أهم سبب و هو “لأجد نفسي”.
في هذه الفترة من الزمن، التقيت بنفسي و لأول مرة. بسبب عدم و جود الأهل أو الصديقات هنا، فكان لدي الوقت لأكتشف من أكون، لأجرب أشياء لم أكن لأجرؤ أن أجربها من قبل.
كيف كنت في السابق:
في السابق، كنت دائماً مشغولة عن نفسي، لم أسمعها قط.
و بين هذا كله، سأخبرك عن موقف حصل معنا …
قبل انتقالنا للعيش في اسطنبول، سجلت في مركز لتعلم التأمل و اليوغا.
لا أدري ما كان يجول في خاطري في تلك الفترة.
و لماذا في هذا الوقت بالتحديد؟ تعرفنا هناك على أناس طيبين جداً و منهم سمعت لأول مرة و تعلمت عن الوعي و الرحلة الروحية.
إنه مركز Innerspace في أبوظبي.
أعتقد أن لديهم فروع عدة في بعض دول الخليج و العالم أيضاً.
كان هذا الموقف الذي نبهني لأشياء كنت غافلة عنها لسنوات. و أنا إلى اليوم و أنا ممتنة لهم على هذه اليقظة الروحية.
و لتعرفي كيف قضينا أول عيد لنا في اسطنبول بعيداً عن المكان الذي تربينا و عشنا فيه.
اقرئي: كيف قضيت العيد في اسطنبول؟
ما الذي يمكن استفادته من قصتي:
من خلال قصتي هذه، تستطيعين أن تري أن كل شيء في هذه الدنيا يسير لصالحك، مهما كان ظاهره عكس ذلك.
الثقة بالله و رحمته، و أنه موجود في كل مكان، في أي مكان تذهبين إليه، لا يمنعك عنه إلا تفكيرك و انشغالك عنه.
هذا ما شكل أساس الطمأنينة التي شعرت بها في ذلك الوقت.
أذكر زميلتي في العمل، و هي تقول لي: “كيف يمكنك الذهاب من البلد الذي ولدت فيه، و جميع الناس يتمنون أن يكونوا في مكانك حالياُ؟”
فأجبتها و بكل هدوء: إن الله معي أينما ذهبت ، فلا خوف علي و لا هم يحزنون.
نعم صديقتي إيماني بأن الله معي، هو الذي رسخ شعور الأمان و السكينة في نفسي، يستغرب الكثيرون كيف لي أن لا أخاف، أن لا أقلق، أن لا أتوتر من هذا الوضع برمته!!
و سأرد عليك، علاقتك بالله هي التي ستكون طوق النجاة من أي موقف تتعرضين له. من مواقف يومية بسيطة، إلى تغير جذري في مجرى حياتك بأكملها.
اقرئي أيضاً عن أحد الكتب التي قربتني من الله أكثر
في مقالة: لأنك الله لـعلي بن جابر الفيفي
في الختام:
أنوي أنني استطعت أن أوصل لك مشاعري و أفكاري في فترة يعتبرها الكثيرين “صعبة”
و حتى عندما أنظر إليها في هذه الأثناء، يتردد سؤال في نفسي: من أين لك كل هذه القوة يا أمل؟
أعتقد بأنك عرفتِ الإجابة الآن، صحيح؟
نعم يا عزيزتي إنه النور الذي لا يغيب .. رفيق الدرب الدائم الذي لا يخذل أحداً .. الأقرب إلينا من حبل الوريد .. نعم يا عزيزتي إنه الله –جل جلاله-
أتمنى منك إذا شعرت بأن هذه المقالة قد فادتك، فلا تتردي في نشرها لكل من قد يقدم على هذه الخطوة.
فقد تكونين السبب في بث الطمأنينة في نفوس الكثيرين من حولك.
إذا كانت لديك أي استفسارات أو أسئلة تخطر في بالك عن تجربتي هذه
فلا تتردي بالكتابة لي أسفل هذه المقالة
هل جربتي العيش في بلد جديد خارج موطنك الأصلي؟ شاركيني تجربتك لنستفيد منها جميعاً.
ألقاك على خير في مقالة جديدة
دمت بسلام و سعادة صديقتي
مؤسسة و صانعة محتوى موقع أوركيدفل لايف ستايل
متخصصة في التصميم الداخلي بمفهوم البيوفيليا و الفونج شوي
مهتمة بتنظيم المساحة و تحسين جودة الحياة
السلام عليكم،
استمتعت بقراءة تجربتك الشخصية في الانتقال للعيش باسطنبول ماني لك ولأهلك كل التوفيق والسعادة
أهلاً وعليكم السلام
ممتنة لك ولكلماتك الطيبة
دمت في سعادة وسلام