استلهمي

التسليم .. التصالح مع مجريات الحياة

مرحباً أوركيدتي العزيزة في مقالة جديدة في مبوبة استلهمي

التسليم .. قد يكون هذا المصطلح أو الكلمة مألوفة بالنسبة لك أو قد يكون بالنسبة للبعض الآخر  هذه المرة الأولى التي يسمعون بها، و في كلتا الحالتين قد ننسى أو لا نعرف كيف نمارس التسليم؛ ففي خضم وتيرة الحياة السريعة نُفَعِّل زر القيام ما اعتدنا القيام به و هو المحاولة -التي قد تكون في أحيان كثيرة لا طائل منها- السيطرة على مجريات الحياة.

لذلك في مقالة اليوم سوف نتحدث عن التسليم و كيف نتمكن من ممارسته في حياتنا لننعم بالسلام الداخلي و نتذوق لذة بهجة الحياة.

ماذا نفعل يومياً؟ .. الجواب: عكس التسليم

يعتبر الإحساس بالأمان من احتياجاتنا الأساسية كبني البشر و يجب علينا تلبية هذه الحاجة بأي طريقة كانت، و يا حبذا لو كانت بطريقة إيجابية. لذلك فإن تبني روتين يومي و عمل جدول عمل و التخطيط، جميعها أمثلة على تلبية هذه الحاجة و بشكل إيجابي كذلك.

لكن تبدأ المشكلة و التي تجعلنا نهوي بشكل سريع دون أن نشعر بأنفسنا عندما نحاول السيطرة على كل شيء يحدث في حياتنا. و اعتبرها مشكلة حقاً لأننا لا نعرف ما سيحدث فعلاً حتى في اليوم التالي الذي خططنا له؛ فاحتمال أن تسير الأمور مثلما خططنا لها مساوٍ لاحتمال حدوث أمور لم نخطط لحدوثها. 

ماذا يوجد في نهاية المنحدر السحيق؟ .. معاناة عدم التسليم

الحياة و مجرياتها تشبه و بشكل كبير النهر الجاري. هل تظنين أن بإمكاننا منع تدفق النهر حتى لو وقفنا حاجزاً أمامه؟

و هذا ما يجعل التخطيط للأمور بالطريقة التي تناسبنا لتجنب حدوث ما لا يناسبنا أمراً متعباً و مستنزفاً للطاقة. كما أنه يسبب لنا التوتر، الإحباط و الإحساس بالضياع لأنه يشعرنا بأننا لا نستطيع السيطرة على حياتنا، عدم الإحساس بالسعادة و الشعور بالاكتئاب، يدفعنا الخوف لفعل الأشياء (و أقصد هنا بأننا نقوم بالأشياء خوفاً من حدوث ما لا نرغب به، كما أنه يدل على أننا متعلقين بنتيجة معينة ظانين بأنها الأفضل و الأصلح لنا)

كذلك فإنه يشعرنا بعدم الثقة بمجريات الحياة ظناً منا أنها تحدث لنا و ليس من أجلنا (و أقصد بذلك أننا نظن بأنها تحدث لتعاقبنا و ليس لِتُعِدَّنا لمرحلتنا القادمة)؛ و هذا ما يجعل عدم التسليم معاناة حقيقية.

ما هو التسليم؟

بما أن عدم التسليم هو المحاولة للسيطرة على مجريات الحياة بالطريقة التي تعجبنا، فإن التسليم هو استقبال الاحتمالات المختلفة لما سيحدث في مجريات الحياة، و تقبل ما يحدث الآن و ما سيحدث لاحقاً كما هو دون تغيير منا. فقط نلاحظ و نراقب، كأننا نقف و من زوايا مختلفة أمام تحفة فنية، فما سترينه و أنت واقفة على يمينها لا يشبه ما سترينه إذا وقفت على يسارها.

لا أقصد بكلامي هذا أن تستسلمي و لا تفعلين شيئاً في حياتك، فما أقصده هو أن تخططي و دون مبالغة ثم تتوكلين على الله؛ فأنت تكونين بذلك قد أخذت بالأسباب المتوفرة لديك، و إذا حدث ما لم تتوقعيه، فقط راقبي ما يحدث و ما تحسين به و اسألي نفسك: كيف بإمكاني الاستفادة مما يحدث؟

التسليم هو استقبال الاحتمالات المختلفة لما سيحدث في مجريات الحياة، و تقبل ما يحدث الآن و ما سيحدث لاحقاً كما هو دون تغيير منا. فقط نلاحظ و نراقب

كيف نمارس التسليم؟

قد يصعب علينا التصديق أن ممارسة التسليم بسيطة لدرجة أننا قد نظن أن في تطبيقه خدعة.

لذلك سأضع الأمر لك في خطوات بسيطة، فعند حدوث أمر لم تتوقعيه أو حدث لا يعجبك، و لنفترض أن هذا الأمر هو إحساسك بأنك لست على ما يرام أو مريضة، إليك ما ستفعلين:

– لاحظي ما تحسين به في تلك اللحظة

 هل تحسين بالخوف؟ هل تحسين بعدم الراحة؟ أين تحسين في جسمك بهذه المشاعر؟ استشعري هذه المشاعر و لا تتهربي منها (تخيلي أن شخصاً مقرباً أو طفلاً صغيراً يشكي لك ما يحس به، هل كنت ستهربين أو تتجاهلين شكواه؟)

– اقْبِلي للأمور من منطلق الحب و ليس الخوف

لا تدعي دافعك وراء ذهابك للعيادة/المستشفى خوفك على صحتك، بل حباً لجسدك و اهتمامك به و امتنانك له هو ما يدفعك لفعل ذلك

نصائح لممارسة التسليم بسهولة و يسر

– ميزي أي الأمور بإمكانك تغييرها و أيها ليس بيدك تغييرها

فالأخيرة ليست مهمتك فدعيها و ركزي على ما تستطيعين أن تغيريه

– اسألي السؤال الصحيح

فمثلاً اسألي “كيف بإمكان ما يحدث الآن أن يخدمني في حياتي؟” بدلاً من “كيف بإمكاني التخلص من الموقف الذي أمر به الآن؟” 

– آمني بأن كل ما يحدث لك هو في صالحك

تأكدي أن الله لم يخلقنا في هذه الحياة كي نتعذب بل لأجل أن نتطور و نكون خلفاؤه على الأرض.

– كوني متيقظة للإشارات

بعد أن تسألي السؤال ستظهر لك في حياتك إشارات إجابةً على سؤالك. فمثلاً لو سألت كيف أحافظ على سلامي الداخلي، و لاحقاً أثناء القيام بعملك سمعت زميلتك في العمل تقول أنها سمعت في المذياع أن التقبل و التسليم هما من مفاتيح السلام الداخلي .. هل تظنين أنها سمعت حديثك مع نفسك في الصباح أو في الليلة السابقة؟

.. لا أحد يعلم!!

إذا أردت أن تعرفي عن المفتاح الآخر للوصول للسلام الداخلي – و الذي يكون التقبل- فأنصحك بقراءة هذه المقالة: التقبل .. سر العيش بتناغم مع الحياة

الخلاصة

تأكدي يا أوركيدتي العزيزة إنني أنا أيضاً إلى الآن أجتهد لأذكّر نفسي لأمارس التسليم؛ فكما ذكرت لك سابقأ بسبب وتيرة الحياة السريعة ننجرف و نخاف و نقلق

لكن أثناء ذلك توقفي عما تفعلينه لوهلة و تذكري، أن هناك رب يعيننا في حياتنا، فلا تثقلي كاهلك بما هو فوق طاقتك.

أنوي لك أوركيدتي العزيزة حياة ملؤها السلام و البهجة 

إذا كنت تواجهين تحديات في حياتك و بحاجة لمساعدة و لا تعرفين من أين تبدأين، فبإمكاني مساعدتك .. احجزي جلستك الآن

شاركي
نشرت بواسطة
هدى العوبثاني

أحدث المقالات

الإنتاجية .. حياة ذات معنى و أهداف تتحقق

في هذه المقالة، تعرفي لماذا الانتاجة مهمة و كيف ستغير حياتك بشكل إيجابي و تحققين… إقرأي المزيد

منذ 3 أيام

كيف يتم اختيار ديكور المنزل؟

هل تفكرين في الانتقال إلى بيت جديد، أو تجديد بيتك الحالي؟ إذا كنت محتارة ما… إقرأي المزيد

منذ شهر واحد

الباذنجان .. أيهما ألذ للطبخ، الذكر أم الأنثى؟

إذا كنتي ترغبين أن تكون وصفات الباذنجان التي تعدينها شهية أكثر و لذيذة، اقرأي هذه… إقرأي المزيد

منذ شهرين

التغلب على المعتقدات المعيقة لعيش حياة حسب شروطك

كم مرة أتتك فرصة ذهبية، لكن بسبب خوفك من الفشل لم تنتهزيها؟ و كم مرة… إقرأي المزيد

منذ شهرين

كيف تتقنين فن تحقيق الأحلام ؟

كلنا لديه أحلام يود أن يحققها في مختلف نواحي الحياة. ماذا لو كان هناك طريقة… إقرأي المزيد

منذ شهرين

كيف تحافظين على روتينك في الإجازة؟

في الأيام العادية، نعتاد على روتين معين يسهّل علينا المضي خلال يومنا بتوتر أقل، لكن… إقرأي المزيد

منذ 3 أشهر