استلهمي

التقبل .. سر العيش بتناغم مع الحياة

التقبل .. ليس شيئاً سهلاً ليكون ردة فعلنا الأولى بأن نقوم به و قد يكون انطباعنا عنه أنه من الصعب علينا فعله

لذلك في هذه المقالة سأحدثك أوركيدتي عن التقبل و كيف بإمكانه أن يفعل العجب في حياتك إن تبنيته طريقة و نمط حياة لك

فمرحباً بك أوركيدتي العزيزة..

صحيح أنه حتى نعيش هذه الحياة علينا أن نتقبل. كمفهوم عام أغلبنا يعرف ما هو التقبل .. لكن فعلاً

ما هو التقبل؟

ينظر علم النفس إلى التقبل على أنه اتخاذ موقف من دون حكم بشكل واعٍ، و احتواء التجربة -من مشاعر و أفكار و أحاسيس نشعر بها فيها أجسادنا- بشكل تفاعلي. (يقصد بشكل تفاعلي كيف ستكون استجابتنا و تعاملنا مع التجربة التي نخوضها)

ففي رحلة الحياة نمر بمواقف و تجارب يكون بعضها لا يعجبنا و نحاول تجنبه و هذا ما يعرف بالمقاومة. لكن منطقياً .. كيف نتجنب ما قد وقع؟

كيف تؤثر المقاومة على حياتنا

لهذا السبب نجد أن المقاومة تتعبنا نفسياً و تجعلنا نتوقف عن التفكير  بما علينا فعله، فهل يفيد البكاء على الحليب المسكوب؟ هل ببكاءنا سيعود الحليب للكأس أو القنينة؟ .. بالطبع لا

فالمقاومة محاولة منا لتجنب أو إيقاف ما قد حدث فعلاً. و هذا يستنزف منا طاقة لم يكن لها أي داعٍ و يسبب لنا الألم و المعاناة.

و لأننا خلال المقاومة ننشغل بالتفكير في منع ما قد حدث، ننسى أننا نعيش في الحاضر و يغيب عن بالنا عيش لحظتنا الحالية، و هذا يقودنا أن نكون صاحبي ردات فعل تلقائية اعتدنا عليها بدلاً من أن نفكر في استجاباتنا. فكم من موقف كانت ردات فعلنا سبباً في تفاقمه، و كم من كلام ندمنا على قوله .. فقط لأننا كنا في موقع التصرف برد الفعل!!

في الطرف الآخر .. التقبل: أثره في حياتنا

 نعود ثانية للتقبل. تأملي للحظات ماذا لو تقبلنا ما حدث؟ كيف ستكون حياتنا؟ كيف ستكون مشاعرنا؟ ماذا ستكون أفكارنا؟

أكثر ما يميز التقبل أنه طريقة للتفاعل و الاستجابة لعيش اللحظة الحالية.

فمع التقبل نحن نسمح لما قد حدث فعلاً بالتواجد في عالمنا، نتفحص كل ما يحدث والتبعات المصاحبة لما حدث إن كان تجربة أو موقف. فعندما تمعنين النظر في النهر ستتمكنين من رؤية الحصى الصغير الجالسة في أسفل النهر بمختلف أحجامها و ألوانها. و مع التقبل ستتمكنين من الغوص بعمق في نفسك و فيما حدث أيضاً. مع التقبل نصل للسلام الداخلي، الهدوء، و الطمأنينة.

ماذا يعني ما سبق؟ .. الإجابة: فوائد التقبل

تطوير مهارة حل المشكلات

التقبل يساعدنا أن نوجه تركيزنا نحو كيف بإمكاننا الخروج من الوضع الحالي، و هذا يتطلب منا أن ننظر للموقف بمنظور شامل، الأمر الذي يحتاج إلى الوقوف للحظات للنظر أين نحن بدلاً من الركض غير مدركين موقعنا و ما يحيط بنا من أمور .

دعوة لتبني العقلية الإيجابية

لا أقصد هنا بأن ننظر للأمور و كأن شيئاً لم يحدث. بل أقصد بأن كل شيء خلقه الله له جانبين: الجانب السلبي (الموقف / التجربة / الحدث …إلخ الذي نمر به)، و جانب آخر إيجابي و هو الفرصة أو الدرس المستفاد مما نمر به

فبعد خوضنا لهذه الأمور بالتأكيد لا نعود كما كنا من قبل .. لكن أولاً و أخيراً يعتمد ذلك علينا إن كنا سنعود كما كنا من قبل أو نصقل أنفسنا بعد ما مررنا به.

التقبل يعزز الصحة العقلية و النفسية

لأن المقاومة تسبب لنا التوتر  بسبب تركيزنا على عدم تحملنا لما يحدث ( و هو ما يترجمه كلامنا عن الموقف/مشاعرنا تجاه الموقف/ أفكارنا عن الموقف)، فإن التقبل يزيل عن كاهلنا كل هذا العبء، فنحن لسنا نحاول جاهدين تغيير ما قد حصل. ما حصل قد حصل فقط .. هكذا هو الأمر.

التقبل يحسّن العلاقات

صحيح أننا متشابهون كبشر، لكن نختلف في أفكارنا و في طريقة نظرنا للأمور. مع تقبل هذه الحقيقة نسهّل على أنفسنا الوصول لحلول وسطية ترضي الأطراف المعنية و الانسجام.

الخيار السليم في المواقف الصعبة

بعض المواقف الصعبة نحن لا نستطيع أن نغيرها أو نهرب منها، و أفضل خيار لنا في مثل هذه المواقف هي أن نتقبل حدوثها.

التقبل يساعدنا في التعرف على أنفسنا أكثر

خلال عملية التقبل، نحاول أن نتعرف ماذا نحس و نفكر به في مثل هذه المواقف و الظروف التي نمر بها، و هذا يدعونا لنكون أكثر تعاطفاً مع أنفسنا و نتقرب منها أكثر لنتعرف عليها.

تخيلي الأمر و كأنك تسألين شخصاً مقرباً رأيته و علامات القلق و الخوف تعلو وجهه .. ما الذي تمر به؟ ماذا يشعرك أنك تمر بهذه الظروف؟ بماذا تفكر في هذه الأثناء؟ 

ألن تعرفيه أكثر بعد هذه المحادثة؟

التقبل يقلل من فرص مواجهتنا لمشاعر  مدفونة مستقبلاً

لأن مشاعرنا رسالة لنا تنبهنا لشيء معين، و توقظ فينا مشاعر لم نواجهها أو بالأصح رفضنا مواجهتها في الماضي، لذلك فهي تعود و تظهر من جديد.

تخيلي الأمر و كأن ساعي البريد أتى ليسلمك رسالة، و أنت ترفضين فتح الباب لاستلام الرسالة .. ماذا سيحدث عندها برأيك؟ بالتأكيد سيعود مرة ثانية و ثالثة و عاشرة كذلك، إلى أن تستلمي الرسالة.

التقبل أول خطوة نحو التسامح

لكي نتقدم في حياتنا، علينا أن نفك عن أنفسنا قيود الماضي و ذلك بالتسامح. لذلك فإن أول ما علينا فعله هو تقبل ما حدث، فما فائدة أن نثقل أنفسنا بالضغائن و جلد الذات و الندم؟ هذا سيبطئ تقدمنا لأننا مثقلون .. لذلك فلنخفف من حمولتنا لرحلة أكثر يسراً و خفة في الحياة.

لذلك إذا أردت أن تعرفي أكثر عن التسامح، فأنصحك بمشاهدة هذا الفيديو

التقبل يساعدنا في التخلص من الشلل الذهني

و أقصد هنا بدل البحث و التساؤل عن سبب حدوث ما حصل و الذي سيجعلنا ندور في دوامة لا خلاص منها، التقبل سيجعلك تستقبلين ما حدث دون التسبب لنفسك بصداع بحثاً عن الإجابة.

انتبه .. التقبل لا يعني الاستسلام

قد يخلط البعض بين الإثنين، لكن في الحقيقة شتان بينها، فالأول يعني أن نقبل ما حدث و ثم -مثلما ذكرت سابقاً- نفكر كيف نستطيع الخروج من هذا الموقف. أما الثاني يعني الرضوخ و الذي يدفع لعدم فعل شيء.

كذلك التقبل يتطلب شجاعة منا لأننا بذلك ننوي بأن نخوض التجربة بكل ما فيها مع كامل وعينا بها، أما الاستسلام فيكون بلعب دور الضحية تتقاذفها أمواج الحياة من دون حول لها و لا قوة  .. أظن أن الفرق بينهما جلي للغاية، ألا تظنين ذلك أيضاً؟

كيف نتقبل؟

نأتي الآن إلى كيف نمارس التقبل في حياتنا. 

إدراك مقاومتنا للوضع /التجربة

البداية تكون أن ندرك بأننا نقاوم و نرفض ما نمر به؛ لأننا إن لم ندرك سنستمر في المعاناة و الألم و الضيق دون أن نعلم ما السبب. لذلك مهم جداً أن ننتبه و نكون واعيين لمشاعرنا و أفكارنا خلال هذه الفترة.

كذلك إدراكنا لكيف نشعر و بماذا نفكر خلال المقاومة سيساعدنا أن ندرك النمط المتكرر  لمقاومتنا، و بالتالي سيكون تقبلنا أسرع في المرات المقبلة.

فك تعلقنا بالرفض و المقاومة  للوضع /التجربة

إصرارنا لتغيير الوضع الحالي ليس في محله، فنحن بذلك نسبح عكس التيار و هذا يستنزف منا طاقة مثلما ذكرنا سابقاً. لذلك فإن أفضل ما نقوم به هو التخلي عن تغيير الوضع الحالي فهو أمر  ليس بيدنا التحكم به.

التفكير بالحل و ليس بالمشكلة

لأن ما نمر به خارج نطاق سيطرتنا، فليس علينا أن نشغل أذهاننا بالتفكير به مطولاً، و بدلاً من ذلك علينا التفكير بما يمكننا نحن القيام به لأن استجابتنا و تعاملنا مع الوضع الراهن هو ما يمكننا تغييره لأننا نستطيع التحكم به.

تجنب الحكم على الوضع/ التجربة

إن نظرتنا للأمور إن كانت جيدة أم سيئة يعتبر حكماً؛ لذلك علينا أن نتجنبه. ففي الحقيقة كل تجربة نمر بها تأتي مجردة و نحن فقط من يبث فيها الطاقة، فتكون بالنسبة لنا تجربة جيدة أو تجربة سيئة.

تذكير من كتاب “الحضور”

من أكثر العبارات التي ترن في بالي عند مروري بأي تجربة لا تعجبني ( أنا أيضاً أمر بلحظات ضعف مثل كل إنسان): كل تجربة صالحة و مطلوبة و عبارة أسرع طريقة للخروج هي العبور من خلاله.

فالعبارة الأولى تذكرني بأنني أحتاج -لسبب قد لا أدركه الآن- للمرور بهذه التجربة من أجل مصلحتي. و العبارة الثانية تذكرني بأنني إذا أردت أن تنتهي هذه التجربة المزعجة فإن أسرع طريقة لذلك هو المرور من خلالها .. و ليس تجنبها.

عندما أتذكر هاتين العبارتين أتقبل ما أمر به ( و دون أن أتساءل حتى!!)

الخاتمة

أعترف لك يا أوركيدتي أن التقبل ليس بالأمر الهيّن و أعتبره في وجهة نظري تحدياً، لكن مع الممارسة و المثابرة على تطبيقه ستجنين ثماراً تستحق العناء.

أنوي لك يا أوركيدتي حياة ملؤها السلام و الحب

إذا احتجت لمساعدة إضافية، فيسعدني أن أفعل ذلك 

احجزي جلستك من هنا

شاركي
نشرت بواسطة
هدى العوبثاني

أحدث المقالات

التواصل الأنثوي .. سلاح آسر في أيدي ناعمة

في هذه المقالة، تعرفي كيف بإمكانك أن تحترفي التواصل الأنثوي الذي سيعمل على إحداث نقلة… إقرأي المزيد

منذ أسبوع واحد

١٠ نصائح عملية لجذب الطاقة الإيجابية و البركة للبيت

تعرفي في هذه المقالة على نصائح ستساعدك بشكل جذري في تحويل منزلك إلى جاذب للطاقة… إقرأي المزيد

منذ شهر واحد

٧ أطعمة تتعارض مع بعض الأدوية .. فلا تتناوليها

في هذه المقالة، تعرفي على الأطعمة التي تتعارض مع بعض الأدوية الأكثر استعمالاً و يقلل… إقرأي المزيد

منذ شهر واحد

إطلاق العنان لقدراتك الكامنة في 6 خطوات عملية

في هذه المقالة تعرفي على خطوات عملية ستساعدك لاكتشاف قدراتك الكامنة و نقاط قوتك و… إقرأي المزيد

منذ شهرين

الإنتاجية .. حياة ذات معنى و أهداف تتحقق

في هذه المقالة، تعرفي لماذا الانتاجة مهمة و كيف ستغير حياتك بشكل إيجابي و تحققين… إقرأي المزيد

منذ 3 أشهر

كيف يتم اختيار ديكور المنزل؟

هل تفكرين في الانتقال إلى بيت جديد، أو تجديد بيتك الحالي؟ إذا كنت محتارة ما… إقرأي المزيد

منذ 4 أشهر