أهلاً و سهلاً بك أوركيدتي الغالية في مبوبة تفاصيل

يتحجج الكثيرون بأن علم طاقة المكان و الصحة العقلية لا يَمُتّان بأي صلة لبعضهما البعض. و ذلك لأن في علم طاقة المكان نتحدث عن طاقة غير مرئية، بينما الصحة العقلية تستلزم خطوات علمية و عملية. و أن العلم (الصحة العقلية) و المجهول (طاقة المكان) لا يلتقيان أبداً.

دعيني أبدأ بالسؤال .. الكهرباء أيضاً طاقة غير مرئية. فهل لا نرى أثرها على حياتنا؟ 

كل شيء غير مرئي لا يكون بالضرورة شيئاً لا يتقبله العقل. و لكن جرت العادة بأن نفضل نحن البشر المرئيات على أي شيء يخفى عن ناظرنا. 

و في هذه المقالة، أحببت أن أريك العلاقة الوثيقة بين طاقة المكان و الصحة العقلية، و كيف يمكن لبعض التغييرات البسيطة التي يطلعنا عليها علم طاقة المكان بأن تحسن صحة واحد من أهم أجزاء أجسادنا .. ألا و هو الدماغ.

كيف يعمل اتحاد طاقة المكان و الصحة العقلية على تحسين جودة حياتنا؟

في زمن كثر فيه الالتزامات الكثيرة و المهام المثقلة و استعجال الوقت و النتائج، يظهر التوتر على شكل رفيق أساسي في حياتنا العصرية. و قد يصل بالبعض إلى الاعتقاد بأن التوتر هو جزء لا يتجزأ من أساسيات الحياة، و أن الإنسان لا يمكنه العيش بدون توتر. 

صحيح بأنه لا توجد حياة بدون توتر، و لكن ليس إلا الحد الذي يضر بصحتنا النفسية و العقلية و الجسدية. كل شيء في حدوده المعقولة نعمة و خير. و هذا ما ينطبق أيضاً على التوتر.

فإذا ما لاحظنا أغلب أفكارنا و قراراتنا تنبع من منطلق الخوف، المقارنات، الضغط الغير المدروس، التوقعات غير الواقعية و كل هذه العوامل هي أساس الإحساس بالتوتر.

و هنا يأتي علم طاقة المكان لتخفيف حدة هذه الآثار، فكلنا نعود إلى بيوتنا بعد يوم طويل قضيناه في الدراسة أو العمل، و هذا لا يخلو أيضاً من وضع ربات البيوت، بل بالعكس قد يكن من أكثر الأشخاص تأثراً بهذه الأسباب نتيجة تواجدهم لفترات طويلة في المكان نفسه. فنحتاج إلى المكان الذي يحتوينا و يحتوي تعبنا و مخاوفنا و يقدم لنا الدعم و الراحة و المساندة. و هذا ما تقدمه لنا منازلنا و أسلوب حياتنا داخلها.

الأسباب الدامغة للعلاقة الوثيقة بين طاقة المكان و الصحة العقلية

فوضى أقل يعني توتر أقل

نعيش في عصرنا الحالي شعور الإلحاح لاقتناء الممتلكات المادية بشكل مهول و فوق حاجاتنا الأساسية. و هذه أول إشارة لتكدس الأغراض في مساحاتنا مهما كان حجمها. 

شراء أغراض لا نحتاجها بداعي الرغبة لا الحاجة إليها، أغراض لم نعد بحاجة إليها و تشغل مساحات كبيرة في منازلنا، أغراض مهترئة أو مكسورة لم تعد صالحة للاستعمال، ذكريات قديمة لا تثير حتى مشاعر البهجة و الفرح في أنفسنا رغم تواجدها. هذه بعض الأمثلة لأسباب بقاء مثل هذه الأغراض في مساحاتنا. 

و قد يقوم البعض بخداع نفسه بإخفاء هذه الأغراض في أماكن متعددة داخل المنزل، و لكن هذا لا يعني خروجها من طاقتنا الشخصية، فبما أنها تحت مسمى أغراضنا (للملكية) فهي تحت تأثير هالتنا. تشغل جزءاً مهماً من عقلنا اللاواعي و الذي يدرك وجودها رغم عدم رؤيتها. فتؤثر فينا و نؤثر فيها. 

و العلاج هنا و بكل بساطة هو إزالة الفوضى و تخفيف المقتنيات المادية أو ما يسمى بالتبسيط. 

سأتحدث عن هذا الجزء بشكل تفصيلي في الفيديو القادم على قناتنا في اليوتيوب. يمكنك الاشتراك و تفعيل جرس التنبيهات ليصلك إشعار بنزول هذا الفيديو.

تعمل طاقة المكان على السماح بالطاقة الإيجابية (الطاقة الحيوية) بالتدفق بكل سلاسة في مساحاتنا كلما كانت خالية من الفوضى. و كلما زاد تدفقها كلما أحسسنا بالهدوء و السكينة و انخفاض الإحساس بالتوتر بشكل ملحوظ. يمكنك تجربة ذلك عن طريق ترتيب مساحة صغيرة في منزلك. و ملاحظة أثرها عليك.

نصيحة لطيفة:
كلما أحسست بالضياع، بالملل، و بالرغبة في تنظيم مجريات حياتك، نظمِ مساحتك الخاصة (تشمل الغرفة، المكتب، مقتنياتك الشخصية كالكمبيوتر و حساباتك الإلكترونية).

و لأساعدك في أخذ أول خطوة في اتجاه ترتيب مساحتك .. يمكنك الاستعانة بقائمة التبسيط الرقمي و التي ستسهل عليك تنظيم كمبيوترك الخاص و حساباتك الإلكترونية و وسائل التواصل الاجتماعي.

تحسين جودة النوم

يعتبر النوم من أكثر العوامل التي تؤثر على صحتنا بشكل عام و على الصحة العقلية بشكل خاص. فهو من أهم أسباب الإصابة بالقلق و التوتر و الاكتئاب. فعدم النوم بالشكل الكافي، تقطع فترات النوم، عدم القدرة على الخلود إلى النوم رغم الإرهاق، بعض آثار اختلال جودة النوم لدينا.

يعاني 10% من سكان الدول المتقدمة من الأرق المزمن، في حين يتأثر حوالي 25% من سكان الشرق الأوسط و شمال أفريقيا بالأزمة نفسها.

المصدر: الجزيرة نت

تسمح غرفة النوم التي تم تطبيق علم طاقة المكان فيها بتدفق الطاقات الإيجابية و تعزز النوم العميق. و كلنا ندرك بأن الشخص الذي يتمتع براحة جيدة هو شخص سعيد في نهاية المطاف.

يعد اختيار المكان المناسب للنوم أحد أهم مبادئ طاقة المكان. و قد شرحت بشكل مفصل عن طرق لتطبيق علم طاقة المكان في غرف النوم و التي من شأنها مساعدتك في تعزيز نومك بشكل أفضل.

الطبيعة .. أساس علم طاقة المكان و الصحة العقلية

تم استلهام علم طاقة المكان من الطبيعة، لذلك ليس من الغريب أن تتصدر الطبيعة لائحة أهم أركان تطبيق علم طاقة المكان.

و قد تلاحظين أوركيدتي العزيزة بأن هذا أيضاً هو المبدأ الأساسي في تطبيق نهج البيوفيليا لما لاتصال الإنسان بالطبيعة أثر كبير و ملحوظ في تحسين الحالة العقلية و النفسية و الجسدية. 

لتتعرفي أكثر على هذا النهج يمكنك قراءة هذه المقالة: البيوفيليا .. الصلة الأبدية بين الإنسان و الطبيعة

أظهر بحث حديث أجراه الدكتور جريجوري براتمان من جامعة ستانفورد على مجموعة صغيرة من المتطوعين أن العلاج بالاتصال بالطبيعة فعال في هذا الصدد.

تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين. و قد طلب منهم الذهاب في نزهة لمسافة 5 كيلومترات في منطقة خليج سان فرانسيسكو. سار نصفهم على طول شارع مزدحم بينما ذهب النصف الآخر في نزهة خلابة مع مناظر جميلة للجبال و الخليج. المجموعة الثانية أظهرت انخفاضاً في مستوى القلق و المشاعر السلبية. و يمكنك ملاحظة مدى أثر الاتصال بالطبيعة في تحسين جودة حياتنا. 

بالإضافة إلى ذلك، يمكنك أيضاً الاستعانة بالنباتات أيضاً. فقد أظهرت الدراسات أن النباتات الداخلية يمكنها تحسين التركيز و الإنتاجية ، بث السعادة في النفس، تقليل التوتر ، إلهام التعاطف ، تحسين مستوى الطاقة ، و تحسين قدرات التعلم.

نصيحة لطيفة:
قومِ بزيارة أقرب محل لبيع النباتات و أسالِ عن النباتات التي يمكنك اقتناؤها و تساعد على تنقية الهواء و لا تحتاج إلى عناية فائقة. (إذا كنت من أولئك الذين لا يستطيعون الاعتناء بالنباتات بشكل مكثف).

النظرة الإيجابية عن النفس، الآخرين و عن الحياة

يعاني العديد من الناس من تصورات سلبية عن أنفسهم أو عن أقرانهم أو العالم بشكل عام. هذا يؤدي إلى نقص كبير في الثقة و تدني احترام الذات ، مما يؤدي إلى آثار سلبية على نوعية حياة الفرد.

و التخلص من هذا الموضوع يأخذ من الوقت الكثير. و لكن عن طريق تطبيق علم طاقة المكان، فإن المساحة التي نتواجد فيها أغلب الوقت تكون داعمة لمجهوداتنا في تطوير أنفسنا و تحسين نظرتنا لها و للآخرين و للحياة ككل. بإمكان الطاقة الحيوية في المنزل من طرد الطاقة السلبية مما يحسن المزاج و يعمل على التركيز على الأفكار الإيجابية لأي حدث أو موقف يحدث لنا في الحياة. 

العلاج بالألوان

تحدثنا في مقالة سابقة عن أثر الألوان على نفسيتنا. و خلالها، أدركنا بأن الصحة العقلية أيضاً مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنفسية الإنسان. فقد ثبت أن الاستخدام الصحيح للون في البيئة المحيطة للفرد يعزز الحالة المزاجية و يؤثر على عواطفنا. هذا هو السبب في أن التوازن الصحيح في مساحاتنا له آثار مفيدة على صحتنا النفسية، العقلية و الجسدية. 

لمعرفة أثر الألوان على نفسيتنا يمكنك قراءة هذه المقالة سيكولوجية الألوان .. تأثير الألوان في التصميم الداخلي على نفسيتنا

يعد مبدأ العناصر الخمسة أحد أبسط تطبيقات علم طاقة المكان. العناصر الخمسة هي الخشب، النار ،الأرض، الماء و المعدن ، و كلها لها ألوان متطابقة. و بالتالي ، من الممكن إيجاد التوازن المناسب بينهم في منزلك من خلال اختيار الألوان و مزجها الصحيح. و هذا ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تحقيق الانسجام في حياتك.

في الختام

لدي إيمان راسخ بأنه توجد علاقة وثيقة بين علم طاقة المكان و الصحة العقلية. و هذه العلاقة تستطيع أن ترى النور في حياتك فقط عند تجربة هذه الاقتراحات البسيطة التي ذكرتها في هذه المقالة.

فمن خلال تنظيم مساحاتنا، و تحسين جودة نومنا، و التواصل المستمر بالطبيعة، و تبني نظرة إيجابية للنفس و الآخرين و الحياة وصولاً إلى العلاج بالألوان، نستطيع أن نستنتج بأنه بإمكاننا أن نحافظ على صحتنا، بل و نستمتع بالحياة عندما نأخذ الوقت الكافي و نبذل قصارى جهدنا للترحيب بالأشياء الجيدة في حياتنا، سنلاحظ تغييراً نحو الأفضل في مواقفنا اتجاه الحياة. فعلينا أولاً أن نؤمن أن هذا ممكن. 

إذا كنت في حاجة إلى إعادة ترتيب حياتك عن طريق قوة تأثير مساحتك، فيسعدني أن أكون جزء بسيط من تحسين جودة حياتك للأفضل. يمكنك حجز استشارتك هنا.

أخبريني يا أوركيدتي، أي من هذه الاقتراحات سوف تقومين بها اليوم؟ يمكنك كتابة تعليقك في خانة التعليقات أسفل هذه المقالة

أنوي لك حياة مفعمة بالحب و السلام و السعادة

دمت بحب و سلام و استدامة