تفاصيل

طاقة المكان و البيوفيليا .. حلقة الوصل بيننا و بين الطبيعة

أهلاً و سهلاً بك أوركيدتي العزيزة في مبوبة تفاصيل

هل يستهويك الجلوس بين أحضان الطبيعة؟

تخيلي معي الجلوس على مقعد مصنوع من الراتان أو شجر الصنوبر.. إلى جانبك تسمعين خرير الماء من نافورة صغيرة موضوعة على زاوية من زوايا الغرفة، تشمين رائحة الزهور الندية في أرجائها..

ما الإحساس الذي شعرت به و أنت تقرئين هذه الأسطر؟

لك الآن أن تتخيلي هذا الإحساس على أرض الواقع..

نعم يا أوركيدتي، هذا ما يحدث لنا بالتجربة عند اتصالنا بالطبيعة.

فلا تستغربي من عنوان المقالة و اجتماع طاقة المكان و البيوفيليا، فنحن نتكلم الآن عن علمين مختلفين زمنياً على الأقل. بالرغم من أن علم طاقة المكان كما تعرفين علم قديم جداً يصل إلى الآلاف من السنين، فإنه بالمقابل توجه البيوفيليا لم يتجاوز النصف قرن من الزمان.

و لكن قبل ذلك .. دعينا نستهل مقالتنا بهذه الآية الكريمة 

وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

القرآن الكريم – الآية (13) سورة الجاثية

و من هنا يتضح لنا أن الله سبحانه و تعالى خلق كل الأشياء و سخرها لفائدتنا .. إذا فهمنا استخدامها بالطريقة الصحيحة.

لذا إذا كنتي جديدة على هذين المفهومين، سأحاول هنا اختصار الوقت و إعطائك نبذة بسيطة عنهما و من ثم تستطيعين الإبحار فيهما.

طاقة المكان أو ما يعرف ب(الفونج شوي) هو علم قديم أصله صيني و تداخلت فيه الحضارات الهندية و الفرعونية في تشكيله. يقوم هذا العلم على أساس الإحساس بالمكان و طاقته و ما يجلبه لقاطنيه.

بينما البيوفيليا، فهو توجه حديث بعد الثورة الصناعية لمواجهة زحف التكنولوجيا إلى كل مناحي حياتنا، و التقليل من أضرارها عن طريق الرجوع إلى الأساس و الاتصال بالطبيعة.

و لتعرفي المزيد عنهما، يمكنك قراءة المقالتين التاليتين لاحقاً

طاقة المكان .. لمسة خفية و تأثير واضح على حياتنا

البيوفيليا .. الصلة الأبدية بين الإنسان و الطبيعة

العلاقة بين علم طاقة المكان و البيوفيليا

بعدما عرفنا و لو بشكل مختصر عن ماهية طاقة المكان و البيوفيليا ، دعينا نتعرف ما الشيء الذي يجمعهما.

الملحوظ بأن كلاهما له هدف واحد و هو تسخير قوة الطبيعة لشفاء الجسد و العقل و الروح من خلال المساحة.

كلا المنهجين يركزان في عقلنا اللاواعي العميق على ميلنا الفطري إلى العيش في بيئات صحية طبيعية نابضة بالحياة.

“حريتنا العاطفية ، روحنا ، تتغذى و تدعمها تلك البيئات التي هي نفسها حية”

– كريستوفر ألكسندر ، مهندس معماري

و كلا المنهجين يوفر شعوراً بالأمن و الأمان مما يسمح بمزيد من التركيز و الراحة و الإنتاجية.

لذلك فيما يلي أهم النقاط المشتركة بين علم طاقة المكان و البيوفيليا:

الموقع و حيوية الأرض:

يشترك علم طاقة المكان و البيوفيليا بالأرض كأولوية قصوى. ففي علم طاقة المكان يعتبر موقع المنزل أو المساحة من أهم العوامل التي تؤثر على صحة الإنسان النفسية و الجسدية. 

و هنا يجدر الإشارة بأنه يتم الأخذ بعين الاعتبار الإتجاهات و حركة الرياح و تدفق المسطحات المائية و وجود الجبال بالقرب من المنطقة. هذا بالإضافة إلى توفر الطبيعة و النباتات. و بذلك يكون النظام البيئي متكامل و هذا ما يساعد على الحفاظ على النمو و الازدهار لقاطني المساحة. 

يعتبر الاهتمام بتواجد الطبيعة داخلياً و خارجياً بالنسبة للمساحة مهم جداً لتطبيق علم طاقة المكان و البيوفيليا. و يمكن ترجمة ذلك من الناحية الروحية إلى الإحساس بالمكان و الانتماء إلى الأرض.

اتجاه المنزل / المساحة:

في علم طاقة المكان، يتم أخذ اتجاهات المنزل عن طريق بوصلة خاصة تساعد على معرفة و تحديد اتجاه كل من الضوء و الطاقة و تخطيط المساحة. فيتم تسخير ذلك لإدخال أشعة الشمس إلى المنزل أو المساحة و بالنتيجة يتم التقليل من استهلاك الطاقة.

فنحن كبشر في حاجة إلى التعرض بشكل مستمر إلى الضوء الطبيعي. و من هنا نرى التوافق بين علم طاقة المكان و البيوفيليا في تصميم مساحات تعتمد على الأنشطة القائمة داخل المساحة خلال اليوم. كمثال على ذلك، يتم اختيار غرفة المعيشة في تخطيط المنازل على الجهة المعرضة لأشعة الشمس بشكل أكبر خلال فترة النهار، بينما تكون غرف النوم في الجهة المعاكسة لذلك.

غرفة النوم جداً مهمة في علم طاقة المكان .. و في هذه الفيديو، ذكرت بعض النقاط الأساسية التي ستساعدك في تطبيق علم طاقة المكان على أهم غرفة في منزلك: تطبيق علم طاقة المكان على غرفة النوم

الحركة و تدفق الطاقة:

من أهم السمات التي يركز عليها التصميم الداخلي الفعال هو كيفية تحرك الأشخاص داخل مساحة ما. و هذه المسارات يجب أن تسمح بالسهولة و الراحة في التنقل من مكان إلى آخر داخل المساحة نفسها. و هذه الفكرة تنطبق بشكل مباشر على علم طاقة المكان. هنا نتحدث عن كيفية سريان الطاقة الحيوية أو ما يسمى بال (تشي) داخل المساحة. فالمسارات الضيقة و الطويلة و المستقيمة تزعج الأشخاص و كذلك الطاقة الحيوية. بينما كلما اتسعت المساحة و الممرات المستخدمة فيها كلما سمحنا لمسارات الطاقة الحيوية بالتدفق بكل سهولة و انسيابية. و هذا ما يجعلنا نشعر بالانسجام و التوافق مع كل ما حولنا.

التناسب و موقع القيادة:

في علم طاقة المكان، يتم التركيز بشكل أساسي على موقع القيادة داخل أي مساحة. و يرمز لموقع القيادة بالمكان الذي يستطيع الشخص فيه الإمساك بزمام أمور حياته. كلنا يعلم بأن الإنسان الذي يمسك بزمام أمور حياته هو شخص مسوؤل عن حريته و أفكاره و مشاعره. 

يمكنك معرفة أهمية الإمساك بزمام أمور حياتك من خلال هذه المقالة كيف أتحمل مسؤولية حياتي؟

و من هنا نرى مدى الحرص و الانتباه لهذا الجانب في علم طاقة المكان و البيوفيليا على حد سواء .. كلاهما يولي اهتماماً كبيراً لصحة الإنسان الشخصية و النفسية و الجسدية. 

و قد أظهرت دراسات عديدة بأن الناس أكثر استرخاء عندما يكون لديهم حماية من الخلف و الرؤية واضحة أمامهم. و هذا هو بالضبط ما يلخصه مبدأ موقع القيادة في علم طاقة المكان.

مثال على ذلك: الاهتمام بالسماح للضوء الطبيعي بالدخول إلى المساحة، موقع السرير في غرفة النوم، موقع طاولة المكتب في غرفة الدراسة أو المكتب.

الشعور بالمكان:

بدأ إحساسنا بالمكان يتلاشى بسبب الوتيرة السريعة لحياتنا؛ و هذا ما يفسره أيضاً عدم الإحساس بقيمة الوقت و المكان و الأحداث التي تجري لنا في اللحظة الحالية. و عند استخدامنا لعلم طاقة المكان و البيوفيليا و التركيز على استخدام المواد الطبيعية و المستوحاة من الطبيعة، فإننا بذلك نذكّر أنفسنا بانتمائنا للأرض، و هذا ما يساعدنا على التجذر و الذي ينعكس من خلال حياتنا على جودتها و استقرارها.

طاقة الأنوثة و الذكورة (ين و يانغ):

النور و الظلام، الصباح و المساء، الحر و البرد، هذه كلها طاقات تندرج تحت قسمين: طاقة الأنوثة (ين) و طاقة الذكورة (يانغ). و لأن الله سبحانه خلق كل شي بقدر معين، فإن لكل شيء طاقتان تحكمه و يتحدد نوعه عن طريق غلبة طاقة معينة على الأخرى. 

و في التصميم الداخلي، لا يخلو علم طاقة المكان و البيوفيليا من هذا الأمر أيضاً. فعندما نتحدث عن النعومة و الصلابة، أشعة الشمس و الظل، الثقل و الخفة، الألوان الفاتحة و الغامقة، الأشكال الهندسية أو المنحنية فكلها طرق للتعبير عن الطاقة التي نجلبها للمكان. و هذا ما يجعل الطاقة الحيوية المكتسبة للمكان مؤثرة بشكل مباشر  على قاطني المساحة.

و في علم طاقة المكان، يعبر عن هذه الطاقات بالعناصر الخمسة للطبيعة. تحدثت عنها جميعها في وقت سابق و يمكنك الاطلاع عليها لاحقاً.

و كمثال على هذا، يمثل خرير الماء اللطيف الهدوء و السكون و التأمل ، و بالتالي ، يساهم الماء في توفير مكان مثالي للدراسة و الهدوء و التأمل.

أوجه الاختلاف بين علم طاقة المكان و البيوفيليا

في توجه البيوفيليا، تركز الطبيعة كمحور أساسي لكل ما هو في المساحة. بغض النظر عن بعض التحفظات التي قد يشملها علم طاقة المكان.

فليس كل تصميم بيوفيلي هو بالضرورة مقيد بأساسيات علم طاقة المكان. و العكس صحيح.

على سبيل المثال، في التصميم البيوفيلي، قد تكون الأرض ذات الوادي العميق في الخلف موضع تقدير بسبب مناظر الطبيعة و الحياة البرية المحتملة التي تتواجد فيها. و لكن من منظور علم طاقة المكان ، فإن هذه المنطقة الخلفية ، التي تمثل مخزن الموارد و المال ، ستفتقر إلى الدعم و ستكون ضارة بسكان هذه المساحة.

لا يعالج التصميم البيوفيلي مخاوف التصميم المعماري الأساسية لتدفق الطاقة الحيوية. ففي علم طاقة المكان، يخلق الممر الضيق و الطويل تسارع الطاقة االحيوية المتدفقة في المساحة مما يسبب التشتت و الضغط الكبير على سكان المساحة. بينما يكون الاهتمام منصباً بشكل كلي في التصميم البيوفيلي على نوعية الخامات المستخدمة و مدى قربها من الطبيعة.

في الختام

أحب شعور الاستفادة من نعم الله خير استفادة.

و قد منّ الله علينا بالعقل و نعمة العلم و التبحر فيه و استكشاف بواطنه لنفهم مدى عمق الحياة و الطبيعة في حياتنا. و هذا الأمر ينطبق بصورة جلية في علم طاقة المكان و البيوفيليا.

صحيح قد يكون علم طاقة المكان و البيوفيليا من زمنين مختلفين و من أصول مختلفة. و لكن هناك أمر واحد واضح بالنسبة لي: هناك تآزر كبير في الجمع بين هذين النظامين معاً لإنشاء مساحات صديقة للإنسان و الأرض.

و هذا كله ينصب لمصلحة الإنسان و البشرية و الحياة على سطح الأرض.

أخبريني يا أوركيدتي ما هي علاقتك مع الطبيعة؟ و كيف تترجمين حبك لها في مساحتك؟

و إذا كنت ترغبين باتخاذ الخطوة الأولى في طريقة الاتصال مع الطبيعة من خلال مساحتك، يمكنني مساعدتك من خلال تطبيق علم طاقة المكان و البيوفيليا على حد سواء .. ما عليك سوى حجز استشارتك هنا و سيكون من دواعي سروري مساعدتك خطوة بخطوة

إلى أن ألقاك في مقالة جديدة قريباً بإذن الله

دمت في سعادة و سلام و استدامة

شاركي
نشرت بواسطة
أمل العوبثاني

أحدث المقالات

مراحل التغيير .. وثبات واثقة نحو الهدف

لا تظل الحياة على حال واحد .. فالتغيير أساسي فيها. لكن لتصلي لوجهتك في رحلة… إقرأي المزيد

منذ أسبوعين

التغيير .. كيف نواجهه لحياة أجمل و أفضل

يشكّل التغيير جزءاً أساسياً من حياتنا؛ فالتغيير سنة الحياة. لكن كيف نتقبل التغيير و كيف… إقرأي المزيد

منذ 7 أشهر

الإهمال العاطفي في الطفولة و التشافي منه .. دليلك خطوة بخطوة

الاهتمام بالأخ أو الأخت الصغرى أكثر .. رفض أحد الوالدين شراء لعبة أو وجبة مفضلة… إقرأي المزيد

منذ 7 أشهر

الشخصية القوية .. هل حلم صعب التحقيق؟

اقترن النجاح و الإنجاز بالشخصية القوية، فهي من يستطيع التغلب على التحديات و الارتقاء للوصول… إقرأي المزيد

منذ 8 أشهر

هل يمكن أن التفكير الإيجابي قد يشعركِ بالتعاسة؟

سمعنا كثيراً بالنصيحة التي تقول أن التفكير الإيجابي يجعلنا أكثر تفاؤلاً و سعادة .. لكن… إقرأي المزيد

منذ 8 أشهر

10 طرق لتقليل هدر الطعام في منزلك

هدر الطعام .. أصبح أزمة عالمية و يؤثر سلباً على حياتنا من عدة نواحٍ. لكن… إقرأي المزيد

منذ 9 أشهر